
أسعار الذهب اليوم في الدول العربية بعد الانخفاض المفاجئ: تحليل شامل للأسعار والتوقعات
الاقتصاد العالمي كأن يتم احتواء التضخم دون أضرار كبيرة ويتجنب العالم أزمات مالية كبرى وربما يتم التوصل إلى اتفاق تجاري جزئي أو كامل بين أمريكا والصين فإن أسعار الذهب قد تستمر في التراجع أو تستقر حول المستويات الحالية. بعض الخبراء يتوقعون تصحيحا أعمق في حالة حدث انفراج تام في الحرب التجارية. فقد صرح مختصون بأن إبرام اتفاق تجاري شامل بين واشنطن وبكين قد يعيد الذهب إلى مستويات ما قبل موجة الصعود الكبيرة حوالي 2600 دولار للأوقية
أي انخفاض ملموس إضافي عن السعر الحالي. في مثل هذا السيناريو قد يعود الذهب في الدول العربية إلى أسعار أقل بشكل ملحوظ على سبيل المثال ربما نرى عيار 21 في مصر يعود لما دون 4000 جنيه أو في السعودية دون 300 ريال وفقا لتقديرات متفائلة من بعض المحللين المحليين.
سيناريو تجدد الاضطرابات توقعات بارتفاع جديد على الجانب الآخر لا يزال هناك من يتوقعون عودة ارتفاع الذهب بقوة خلال 2025. بنك جولدمان ساكس الاستثماري الشهير على سبيل المثال عدل توقعاته لسعر الذهب بنهاية عام 2025 إلى 3700 دولار للأونصة بدل 3300 سابقا . بل ويتوقع محللوه نطاقا قد يصل إلى 3950 دولار في السيناريوهات الأكثر تفاؤلا . هذه النظرة مبنية على احتمال زيادة الطلب على الذهب من البنوك المركزية التي تواصل شراء الذهب كاحتياطي بقوة غير مسبوقة مؤخرا وكذلك تزايد إقبال صناديق الاستثمار على الذهب إذا ظهرت بوادر ركود اقتصادي في الولايات المتحدة أو أوروبا . بالإضافة إلى ذلك أي تصعيد جيوسياسي كبير مثل توسع نزاعات دولية أو أزمات طاقة جديدة قد يدفع الذهب سريعا نحو الارتفاع مجددا بفعل البحث عن ملاذ آمن.
دور السياسة النقدية للفيدرالي الأمريكي لا يمكن الحديث عن توقعات الذهب بدون النظر إلى سياسة الفائدة الأمريكية. توقعات أسعار الذهب 2025 ستتأثر كثيرا بمدى تغيير الفيدرالي لسعر الفائدة. إن شهد الاقتصاد الأمريكي تباطؤا واضحا وأقدم الاحتياطي الفيدرالي على خفض معدلات الفائدة خلال النصف الثاني من 2025 فسيشكل ذلك دفعة صعودية كبيرة للذهب. فأسعار الفائدة المنخفضة تعني عوائد أقل على السندات والدولار مما يجعل الذهب خيارا أكثر جاذبية للمستثمرين. ويتوقع بعض المراقبين بالفعل أن الفيدرالي قد يخفض الفائدة بنحو 1 قبل نهاية العام إذا ظهرت مؤشرات ركود بحلول الصيف . في حال تحقق هذا السيناريو قد نرى أسعار الذهب تعود للارتفاع تدريجيا وربما تقترب من المستويات القياسية السابقة أو تتجاوزها في 2025.
احتمالية تذبذب مرتفع على المدى القصير يتفق العديد من المحللين أن الأشهر القليلة القادمة قد تشهد تذبذبا كبيرا في سعر الذهب صعودا وهبوطا قبل أن يتضح اتجاه أكثر ثباتا. لذا ينصح بأن يبقى المستثمرون والمستهلكون مترقبين وحذرين. قد نشهد أياما يرتفع فيها الذهب 20 أو 30 للأوقية في جلسة واحدة ثم ينخفض مثلها في اليوم التالي تبعا للأخبار اليومية كبيانات التضخم والوظائف أو تطورات الأزمات العالمية. هذا التذبذب هو جزء من طبيعة الأسواق في أوقات عدم اليقين.
في المحصلة يمكن القول إن المشهد الحالي يحمل عوامل تدفع الذهب في كلا الاتجاهين. عوامل التهدئة الاقتصادية ترجح كفة الانخفاض وعوامل المخاطر التضخم المستمر أو الركود أو التوترات تدعم كفة الارتفاع. المؤسسات المالية الكبرى منقسمة أيضا في توقعاتها لكن بعضها متفائل بارتفاع الذهب خلال 2025 كما رأينا مع جولدمان ساكس وغيرها خاصة مع استمرار البنوك المركزية بشراء الذهب بكثافة كتحوط ضد الدولار. لذا يبقى من المهم للمستثمر الفردي أن يوازن بين هذه المعطيات. وفي كل الأحوال من الحكمة مواصلة متابعة المستجدات الاقتصادية والجيوسياسية عن كثب خلال الفترة المقبلة فهذه العوامل هي البوصلة التي ستحدد مسار المعدن النفيس.
ختاما رغم الانخفاض المفاجئ الأخير وما سببه من قلق للبعض يظل الذهب أصلا استثماريا إستراتيجيا وملاذا آمنا يلجأ إليه الكثيرون في عالمنا العربي عند الاضطرابات. سعر الذهب اليوم ربما يكون أقل من الأمس لكنه قد يكون أعلى غدا أو بعد غد هكذا كانت طبيعة المعدن النفيس دوما. لذلك ننصح القارئ بأن يتخذ قراراته بناء على دراسة وتخطيط مستفيدا من النصائح أعلاه لضمان أفضل عائد ممكن من ذهب يلمع في كل زمان ومكان.