
طلقت جوزي عشان فيسبوك… وكانت أغبى غلطة في حياتي
في حي هادئ من أحياء الطبقة المتوسطة كان سامح يعيش مع زوجته نرمين وأولاده الثلاثة حياة يراها كثيرون مثالية. رجل بسيط لكنه مجتهد يخرج كل صباح إلى عمله يعود آخر النهار محملا بالهموم ومتعب الجسد لكنه دوما يحتفظ بابتسامة يعلقها على شفتيه لأجل أسرته.
نرمين كانت زوجة جميلة وذكية لكنها مؤخرا تغيرت كثيرا. لم تعد تضحك كالسابق ولا تهتم بالتفاصيل الصغيرة التي كانت تبهج قلب زوجها. أصبحت تلتصق بهاتفها لساعات طويلة تغوص في أعماق فيسبوك ومواقع التواصل الاجتماعي حتى أثناء وجود سامح بالبيت بالكاد تنظر له أو تحادثه.
في البداية حاول يتجاهل الأمر ظنا منه أنها فترة مؤقتة من الضغوط لكن مع الوقت بدأت التغييرات تبقى أوضح. الخلافات الزوجية زادت والاهتمام قل وحتى الأبناء لاحظوا أن أمهم لم تعد تلك الأم الحنونة المتفرغة لهم.
مرة سامح شاف صدفة إشعار على موبايلها باسم غريب من الفيسبوك قلبه دق لكنه كتم شكوكه. بعدها قرر يتكلم بهدوء وقال لها
بصي نرمين أنا مش مرتاح من إنك دايما علىفيسبوك وأنا شايف إن ده بيأثر على حياتنا سلبا… أنا مش بمنع بس بنبني بيت ومحتاجين نكون مع بعض مش على الشاشات.
نرمين ما عجبهاش كلامه لكنها عملت نفسها مقتنعة وقالت
خلاص يا سامح ولا يهمك… هقفل حسابي علشان نرجع نعيش مرتاحين.
وفعلا قدامه حذفت التطبيق لكنها كانت بتخفي الحقيقة.
بعد يومين عملت حساب جديد باسم مستعار وبدأت فيه من الصفر. أضافت ناس ما تعرفهمش انضمت لجروبات وبدأت تحس إنها رجعت للحياة.
كانت عايزة تهرب من الروتين من بيتها ومن نفسها.
كل يوم تدخل الحساب تنشر بوستات حزينة تتكلم عن الوحدة عن الحرمان عن الزواج اللي من غير حب وكأنها بتبحث عن شيء مفقود.
لكن اللي ما تعرفوش إن الحساب الجديد اللي هي هتتعلق بيه بعد أيام… هيكون هو البداية لنهاية موجعة ومفاجأة ما تخطرش على بالها.
في الوقت اللي كانت فيه نرمين بتبني عالمها الجديد على الفيسبوك من خلف الستار كان سامح الزوج اللي شايف وساكت بيجمع شتات قلبه ويحاول يلاقي تفسير منطقي لكل اللي بيحصل.
هو مش غبي… بالعكس سامح كان راجل هادي لكن لما يشك بيحلل ويفكر قبل ما يتصرف.
بدأ يلاحظ تغير في طباع زوجته لمسة البرود الجفاف في الحوار وانشغالها الدائم رغم إنها موجودة معاه في نفس البيت.
وفي يوم وهو قاعد في الصالة بيشرب شايه جاتله فكرة مجنونة
طب ما أجرب أعرف نرمين بتفكر في إيه… بس مش كزوج… كحد غريب!
وبهدوء تام أنشأ سامح حساب فيسبوك باسم مستعار اختار اسم راجل جذاب وعمل لنفسه صورة ملف شخصي مأخوذة من صورة واحد صاحبه الوسيم وبدأ يدخل مجموعات فيها نسبة كبيرة من السيدات وفضل يدور عليها… لحد ما لقاها.
نعم لقاها.
نرمين كانت كاتبة اسمها المستعار بنفس أسلوبها المعتاد وحاطة صورة رمزية لطائر حزين وبتنشر خواطر حزينة عن الست اللي مش لاقية حد يسمعها وعن الزوج اللي نسي يعني إيه اهتمام.
سامح اتأكد إنها مراته.
ابتسم بسخرية وقال لنفسه
ماشي يا نرمين… نلعب لعبتك.
وبدأ يرسل لها رسائل على الخاص في البداية بكلام عادي جدا.
كلامك جميل واضح إنك إنسانة حساسة.
اللي بيكتب كده أكيد قلبه طيب.
نرمين اللي كانت بتدور على أي كلمة حلوة ردت عليه بسرعة.
وفي خلال أيام بدأت تحكيله وتفضفض والعاشق الغامض كان بيستمع وبيحتويها.
كل يوم كلمة وكل يوم غزل لحد ما بقت بتستناه.
سامح من ورا الشاشة كان بيراقب كل كلمة وكل رد فعل وكل تنهيدة.
كان عارف إن مراته داخلة على منعطف خطر جدا لكنه ما وقفهاش…
بل بالعكس قرر يكمل.
كان عايز يشوف لحد فين ممكن توصل بيها الخيانة الإلكترونية.
مش خيانة بالجسد لكن خيانة بالعقل والقلب.
نرمين من غير ما تعرف كانت بتحب جوزها… لكن في نسخة تانية منه نسخته المزيفة على فيسبوك.
وكان ده مجرد بداية الفخ الكبير.
مرت أيام ثم أسابيع والعلاقة بين نرمين والعاشق الإلكتروني كانت بتكبر يوم بعد يوم.
في البداية كانت بتحكي له عن همومها عن زوجها اللي مش فاضي عن إحساسها بالوحدة عن الروتين اللي خنقها عن حياة بلا مشاعر.
لكن بمرور الوقت بدأت الرسائل تاخد طابع مختلف.
بدأت نرمين ترسل له صباح الخير ومساء النور بدأت تقول له وحشتني وبدأت تستناه أكتر من استناها لزوجها الحقيقي.
أما سامح… فكان قاعد قدام الشاشة بيراقب كل حرف وبيشوف بعينه إزاي مراته بتمشي في طريق النهاية بإيدها.
كل كلمة كانت بتقطع فيه بس كتم وجعه وقرر يستمر.
في يوم بعتلها رسالة فيها صورة… صورة شاب وسيم جدا.
كتب لها
أنا… بس ما تحكميش علي من الشكل. اللي يهمني إنك تشوفيني بقلبك.
نرمين طارت من الفرح الصورة أثرت فيها جدا وردت
مش مهم الشكل… أنا ارتحتلك من أول يوم وحسيت إني أعرفك من زمان.
وبدأت تعيش في عالم موازي…
عالم خيالي فيه الحب والدلع والكلام الحلو والاهتمام وكل الحاجات اللي كانت بتحلم بيها.
الغريب إن كل ده كان جاي من نفس الشخص اللي كانت بتتهرب منه في الواقع.
سامح بدأ يلاحظ إنها بقت أكتر عصبية وأقل اهتمام بالبيت والأولاد.
بقت دايما مشغولة دايما مضغوطة دايما مش قادرة تعمل حاجة.
حتى لما كان بيحاول يتقرب منها كانت بتبعد أكتر.
وفي مرة كانت سهرانة في أوضتها ماسكة موبايلها بتضحك لنفسها فدخل عليها سامح فجأة…
سكتت وارتبكت وحاولت تقفل الشاشة بسرعة.
سألها
بتضحكي على إيه
ردت
لا مفيش… بوست