
قصة الطفلين المجهولين الذين أبكت صورهم العالم بعد غرق تيتانيك
لويس هوفمان.
استغل عيدا فرنسيا رسميا لطلب زيارة أطفاله من دار الرعاية ووقع على تعهد بإعادتهم في المساء… لكنه لم يكن ينوي العودة.
أخذ الطفلين وركب قطارا نحو ميناء ساوثهامبتون في إنجلترا وهناك صعد على متن السفينة الأكبر في العالم حينها… سفينة تايتانيك.
بالنسبة للطفلين كانت الرحلة جميلة. السفينة فخمة الطعام وفير وكل شيء يبدو وكأنه مغامرة جميلة. لكن قلب ميشال كان في مكان آخر… كان يعرف أنه يطارد وأنه في حال تم اكتشاف أمره فستسلب منه طفليه مجددا.
أخفى اسمه الحقيقي وادعى أنه أرمل. قال للركاب إنه يسافر بابنيه ليبدأ حياة جديدة في نيويورك. ومع كل صباح كان يحاول أن يرسم الابتسامة على وجه طفليه يخبرهم بحكايات عن الحياة هناك عن بيت جديد وحديقة ومدرسة وأصدقاء جدد.
لكن خلف تلك الحكايات كانت هناك دموع لم تذرف وقلق لم يرو.
في ليلة 14 أبريل 1912 اصطدمت السفينة بجبل جليدي. ووسط الفوضى والصړاخ كان ميشال يجري في الممرات المظلمة ممسكا بيد طفليه يحاول الوصول إلى قارب نجاة.
عندما اقترب الدور فهم أن القوارب للنساء والأطفال فقط فجلس على ركبتيه أمام طفليه وضمهما بشدة كأنه يودع قطعة من روحه.
قبل ميشال الصغير على جبينه وهمس له بشيء لا ينسى ثم أخرج من جيبه رسالة صغيرة وضعها في جيب معطفه وقال له
هذه لأمك… عندما تراها أخبرها أني أحببتها كثيرا وكنت أتمنى لو اجتمعنا سويا هناك.
ثم ساعد الطفلين على الركوب في آخر قارب نجاة وهو يعلم أنه لن يراهم مجددا.
و ميشال في أعماق المحيط… تاركا وراءه رسائل غير مكتملة وأحلاما لم تولد بعد.
وصل الطفلان إلى نيويورك وسط دهشة الجميع. لا أوراق هوية صالحة لا أحد يعرف من هما لا حتى اللغة الإنجليزية. احتار طاقم السفينة ونشرت الصحف صورتهما وتساءلت من هما الطفلان المعجزة
لحسن الحظ لاحظ أحد الصحفيين لهجتهما الفرنسية فأرسل الصورة إلى الصحف الأوروبية طالبا المساعدة في التعرف عليهما.
وفي أحد أحياء نيس كانت مارسيل كاريت تفتح الصحيفة لتقرأ الخبر… فتشهق وتجهش بالبكاء… هؤلاء ولداها! لم يكونا في دار الرعاية كما ظنت بل كانا على تيتانيك!
لم تتردد وسافرت إلى أمريكا بأسرع ما يمكن. وهناك في مشهد مؤثر عانقت ولديها وانهمرت دموع الشوق والفقد والندم في حضڼ اللقاء.
كبر الطفلان. ميشال لم ينس أبدا ما فعله والده. صحيح أن طريقته كانت خطېرة وربما خاطئة لكن مشاعره كانت صادقة.
درس الفلسفة وأصبح أستاذا جامعيا في مونبلييه. كان حديثه دائما يحمل مسحة من الحزن العميق لكنه لم يتوقف عن الإشادة بتضحية والده الذي فضل أن يغرق نفسه لا أن يتركهما يواجهان المجهول وحدهما.
أما إدموند فقد سلك طريق الهندسة المعمارية وحقق نجاحا لكنه ټوفي صغيرا في سن الثالثة والأربعين.
أما ميشال فعاش طويلا حتى بلغ الثانية والتسعين من عمره قبل