ad general
روايات

جديد سوما العربي

ads

كرمشت ملامحها، متضايقة من الوصف الحقيقي فكمل الحاج شوقي:
-ما عشان كده بقولك إكرام الميت دفنه، وكلها دفنه ومتر في متر هتفرق ايه في الصعيد عن هنا…كلنا هنطلع منها نقابل وجه كريم، يالا يا بنتي يالا ربنا يكملك بعقلك.

تمت إجراءات الدفن كانت وحيده بطولها، شباب الحي الغرباء هم من حملوا جثمان والدها، كانت تنظر حولها، تبحث عن حض*ن ترتمي فيه لكنها لم تجد، يومها ذاقت مرار الفراق وكذلك علمت معنى الوحدة وتجرعت مرارتها.

عادت بجسد هزيل تسكن المشفى لجوار والدتها لم تذهب حتى للبيت، يوم جر أسبوع والوضع يزداد سوءاً، المال بدأ ينفد، لجأت لبيع مشغولات والدتها الذهبية التي اشترتها بأيام الرخاء لكنها لم تكن تتعدى الثلاث أساور.

مصاريف وتكاليف لم تكن تعلم عنها شيئ وبين عشية وضحاها باتت هي المسؤولة.

دلفت لعندها جارتهم السيدة محاسن وابنتها طيبة :
-هي عامله ايه دلوقتي يابنتي؟
-زي مانتي شايفه ياطنط؟ مش بتتحسن خالص.
-يعني الدكاتره ماحدش طمنك؟!
-لا دول خايفين يولدوها بدري بسبب الطلق المبكر الي بييجي لها.
-اه كله من الضغط لما بيختل قولي يا منجي….هييح …هنقول ايه، شدة وتزول.

ads

اقتربت شروق منها تضمها من جانبها الايمن وهمست لها:
-مالك في ايه؟
-مش عارفه اقولك ايه بس، الفلوس خلصت والمستشفى طالبه مبلغ تحت الحساب عشان ماما شكلها هتولد بدري وكمان محتاجه فلوس كتير عشان الكلية.
-انا عارفة ايه الي كان مدخلك طب ياختي.
قالتها بمزاح تخفي فيه نقمها الشديد على طيبة التي تتفوق عليها دوماً بكل شيء بداية من جمالها الهادئ والقبول الشديد عندها وصولاً لأخلاقها الممتازة وقد أضحت مض*رب مثل على لسان رجال وسيدات الحي في الأدب والأخلاق وجمعت معهم التفوق الدراسي، وباتت كل سيدات الحي يدعين لفتاياتهن ب(يارب أشوفك زي الدكتورة طيبة كده)
وشروق كانت ذات جمال مميز لكن الحقد يأكل منه كل يوم فلم تستثمر فيه على عكس طيبة التي زادها نقاء قلبها نوراً.

أكملت شروق تردد:
-أنا خدتها من قاصرها ودخلت معهد فني صحي.
-يعني لو كنتي جبتي مجموع طب كنتي هتقولي لا يعني يا شروق؟!!

نطقت طيبة وقد فاض بها الكيل، كلما رأتها شروق أنبتها لتصميمها على الإلتحاق بالطب الذي أكل عقلها وبلع كل أموال والدها بسبب كثرة مستلزماته ومصاريفه على كثرة السهر والتحصيل والمذاكرة، هذا ما كانت تقوله شروق لتخفي فيه أسباب حقدها على طيبة التي باتت دكتورة وهي لم تلحق سوى معهد وبأموال أيضاً وليس حكومي.

تغيرت ملامح شروق لثانية وقالت:
-بتعايريني اكمني جبت خمسين في الميه وشيلت مادتين يا طيبة؟!
-يوووه والله ما اقصد بس انتي كل ما تشوفي وشي تضغطي عليا بكلامك وتكرهيني في كليتي يا شروق بذمتك انا تاقصه، انا مش عارفة هدفع مصاريف المستشفى منين ولا إيجار البيت ولو ماما ولدت هعمل ايه، ومحتاجة مصاريف عشان الكليه وبجد الدنيا اسودت في وشي.

ابتسمت شروق وقالت :
-يبقى تشتغلي.
-أشتغل؟!
-أه الشغل مش عيب فيها ايه؟
-ازاي بس؟! أنا لسه مش معايا شهادة
-ومين في بلدك بيشتغل بشهادته يا طيبة يا حبيبتي وبعدين انتي هتشتغلي مؤقت جنب الدراسة عشان تكفي المصاريف بنات كتير بتعمل كده.
-طب هشتغل ايه؟؟
-أسمعي، واحده صاحبتي شغاله ويتر في مطعم كبير قوي على النيل وكانت قالت قدامي انهم طالبين ناس بس انا ما اهتمتش عشان شغاله في مطعم تاني، ايه رأيك أكلمها؟!!

انتظرت شروق رد طيبة بشغف وعلى أحر من الجمر، بينما طيبة تطلع على والدتها الغائبة عن الوعي بحسرة ومرارة كالعلقم بحلقها ثم نظرت لشروق التي تطالعها بطوق تتحين موافقتها لتشعر بمساواة الرؤس أخيراً….وبالفعل تبسمت بتنهيدة حااارة مرتاحه.

مرت ايام وذهب لأول يوم عمل، كان مطعم فخم جدا وساعات العمل ليلية لكنها ارتضت.

بالصباح تظل جوار والدتها وهي تحاول التحصيل والدراسة ، تنام ساعات معدودة كي تستطيع المواصلة.

المرتب كان معقول لو كانت بظروف عاديه لكن وضع والدتها كان غير مستقر وظلت محتجزة في المستشفى.

وذات ليلة هاتفوها وهي بعملها يخبروها ان والدتها أصيبت بتسمم حمل وعليهم إستخراج الجنين حالاً.

انهت عملها وذهبت راكضة، المشاكل تنصب فوق رأسها صباً، بمجرد وصولها تلقت الفاجعة الكبرى التي أكملت عليها ….لم يستطيعوا لحاق والدتها وماتت بالعملية بعدما ولدت فتاة لم تكمل شهور الحمل الطبيعية.

صرخت بأعلى صوتها، بين طرفة حين وانتباهتها تبدل الحال…من بيت ميسور كله امل وحنان لتشرد و وحدة وفقر وضياع.

نفس الموقف ونفس المشهد كانت تعيشه مع اهل الحي أمام المقابر الكل يواسيها ويرحل وهي لثاني مرة تقف وحيدة تبحث عن ح*ضن تلقي نفسها فيه حتى ولو كان ح*ضن بارد.

سقطت أرضاً تحتضن التراب هي تبكي لكنها لم تأخذ حتى وقتها في الحزن والبكاء فقد اتصلوا بها من المشفى يطلبوا أمولاً للصغيرة التي يتوجب وضعها بالحضانة لأشهر مع لبن وحفاظات أطفال وعناية مشددة وعلاج مكثف غالي كونها ولدت مبتصرة.

أيام وهي تعمل كي تتحصل على راتبها وتعود في الليل متأخرة في الوقت الذي أثارت فيه شروق إنتباه سكان الحي لتغير سلوك الفتاة المؤدبة بعدما إنفك زمامها بم*وت أهلها توشي بين الكلمات انها ربما تكون قد إتجهت لسلك طريق بطّال.

ads
الصفحة السابقة 1 2 3 4الصفحة التالية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock