
جديد سوما العربي
إلى أن واخيراً جاء يوم قبض الرواتب، لم يكن ليكفي، وقفت لجوار شروق تردد:
-أعمل ايه، دول مش هيغطوا تلات أربع فلوس المستشفى ولسه الإيجار ومصاريف مواصلاتي، أعمل ايه بس، أطلب سلفه؟!
-جربي ولو اني عارفه انه مش هينفع، صاحب المطعم بخيل جلدة، وانتي اصلا لسه اول شهر، مش هيوافق.
-طب اعمل ايه؟ اعمل ايه بس؟
-احممم، على فكرة، في حاجة كده كنت عايزة اقولك عليها بس مترددة لا ازعلك .
-ايه هي؟ في مصيبه تاني؟!
-يوووه، ماكنتش عايزه اقولك بس…بصراحة الكلام كتر وزاد والكل بقا يردده مش عارفة ازاي يصدقوا عليكي حاجة زي دي!
-حاجة ايه؟! في ايه يا شروق رعبتيني؟!
-بيقولوا عليكي في الحته انك من بعد مو*ت ابوكي وبعده امك بقيتي ماشيه على حل شعرك وبترجعي في نصاص الليالي وانك ماشية مشي بطال.
اتسعت عينا طيبة بهلع وصرخت:
-ايه؟!! مين قال كده ؟ وازاي؟!
حاولت شروق ان تخفي بسمتها السامة الشامتة ورددت:
-مش عارفه والله كل الي اعرفه انه بالنسبه لهم خلاص مابقتيش الدكتورة طيبة المؤدبة الي بيتضر*ب بيها المثل وكله شاكك فيكي .
-ايه؟! ليه؟! طب قولي لهم، قولي اي حاجة دافعي عني.
كانت شروق تنظر لها بإستخفاف، فهي تطلب من الجاني الحقيقيّ مساعدتها، مثلت شروق التعاطف ورددت بينما ترقص داخلها:
-قولت يا حبيبتي قولت، بس ماحدش مصدق، ده لدرجة ان…ماتزعليش مني بس ماما مانعه اني اكلمك تاني.
-ايه؟!
-أمممم… والحاج صاحب العمارة اللي ساكنه فيها قالي انبهك ان اخرك معاه النهاردة وانه مش هيدخلك بيته تاني.
صفعة خلف صفعة جعلتها تشعر بالدوار، ضاق خناق الحبل عليها..حبل طوقته شروق صاحبة عمرها حو رقبتها ببراعة.
تقف خلف ظهرها تطهر بسمة الأفاعي ، شعرت انها اللحظة الحاسمة وهي تسمع طيبة تسأل ماذا أفعل، أقتربت منها كي تخبرها بما سيكن بمثابة اخر مسمار بنعشها وهمست:
-حلك الفلوس
-ايه؟!
-ايوه فلوس كويسه تجيب لك شقة تمليك أو حتى أوضة فوق سطوح تسترك انتي واختك الي لسه حتة لحمة حمرا دي ومالهاش غيرك لا حول ليها ولا قوة، لما تبقى الشقه تمليك ماحدش يقدر يقولك منين ولا على فين ولا حد يقدر يطلعك منها.
-وانا اجيب منين بس؟
-زودي ساعات شغلك، اقولك ياستي عشان بس تعرفي اني ببديكي على نفسي، كان في شغلانه بفلوس كويسه قوي بس هي من بعد اتنين بالليل؟
-ايه؟! شغلة ايه دي الي كويسه وبعد اتنين بالليل يا شروق؟
-يخت على النيل بيتعمل فيه كل يوم حفلة للناس العالية، محتاجين بنت تشتغل مع البنات الي هناك تخدم عليهم، والقبض بالدولار غير التيبس،في الليلة ممكن تتحصلي على نص مرتبك بالشهر هنا وانتي وشطارتك ولسانك مع الناس ممكن تاخدي تبس اكتر وبالدولار،تتعبي شويه وترتاحي بعدين، ها بقا يا ستي ايه رأيك؟ أنا كنت شايلاها ليا بس يالا ماتغلاش عليكي عشان ظروفك.
تردد طيبة كثيراً وسألتها:
-والمكان ده تمام يا شروق والناس تمام؟!
-طبعاً بقولك كنت هروح انه، عيب عليكي.
أحتضنتها طيبة تردد يإمتنان شديد جداً:
-شكراً..شكراً يا شروق مش عارفة اقولك ايه والله…أنا لو ليا أخت ماكنتش هتبديني على نفسها زيك كده.
نظرت لها شروق نظرة تمثل الطيبة الشديدة في خباياها ترقص فرحاً بإنهزام غريمتها أخيراً.
عادت من شرودها تنظر على ذلك الذي لازال يجلس لجوارها يحتضها وهي عاريه يلفها في ملائة السرير ينظر عليها نظرة مابين الشفقة والإستنكار.
ولاول مرة تركز عليه وعلى ملامحه ، جذعه كان عاري، عريض وقوي، شعره اسود كثيف وبشرته تميل للسمار، ملامحه رجولية شديدة الهيبة، تستذكر بتشوش صوت أمين البغيض وهو يحسها على التقدم معه ببعض التوتر والخوف مردداً ان هذا الرجل بالخصوص عصبي متقلب المزاج ولا يمكن لأحد التأخر عليه.
اسبلت جفناها تبعد عيناها عنه، يكفي لهنا، لملمت الملائة حول نفسها وحاولت النهوض تردد:
-أنا همشي حالاً.
حاولت الوقوف لكنه صرخت متألمة، أسرع يمد يده يساندها ويحسها على الجلوس من جديد:
-حاسبي.
-وجع رهيب.
أغمض عيناه بضيق شديد وحزن غير مبرر يردد:
-عشان أول مرة ليكي.
سقطت الكلمة عليها كالصاعقة، أكبر حتى من كوكتيل المصائب التي تعرضت لها في الشهر الماضي تباعاً..أول مره…كلمة بسيطة تخفي أوجاع ومصائب…أول مرعوبة مع غير زوجها، ضاع شرفها وباتت بلا شرف، أول مره؟؟ وهل ستصبح مره؟! هل ذهبت في طريق الشمال وانتهى أمر وقصة الدكتورة طيبة؟؟!! ماذا سيفعل معها أمين ؟ هل سيهددها من جديد لتظل تعمل معه؟!!
أغمضت عيناها تتلقى وتستوعب حجم الكوارث، شعر بها هاشم وحاول تهدئتها.
تمطأ بجسده ومد يده يفتح أحد الأدرج بجوار الفراش، أخرج منه حزمه من المال ثم ردد:
-خدي.
اتسعت عيناها…جنجر جديد سدد لها، ستأخذ ثمن الليلة مثل أجدع بائعة هوى.
بكت من جديد و وقفت تتحامل على ألمها تحمل ثيابها وتردد بحرج:
-تسمح لي أستخدم حمامك.
-اتفضلي.
رد بكياسة وما أن أختفت داخل المر*حاض حتى ض*رب يده في الحائط يردد:
-وانت مالك يا هاشم، انت ناقص؟!
مرت دقائق وقد شعر بتأخرها فتحرك نحو المرحاض ،هل شعر بالقلق عليها؟!!!!
دق الباب وردد:
-يا أن…
قطع حديثه كان سيقول يا أنسه واللقب على يديه لم يعد يناسبها.
شعرر مريب إحتاحه وهي بنفس اللحظه خرجت من المرحاض مرتدية ملابسها وقد استمعت لقطع كلمته فسقطت عليها كالرصاص الحي.
تستعد للمغادرة وهي لا تنظر له لكنه مد لها مبلغ مالي ضخم بورق أخضر وردد:
-خدي دول حقك، ماتعرفيش أنا أتبسط معاكي ازاي.
-ماتقوليش كده.
صرخت فيه بقهر صرخه أرعبته وهو من لم يصرخ في وجهه أحد من قبل لكنه تقبلها منها ولا يعرف لما..بموضع أخر ومع فتاة ليل أخرى كان سيصفعها.
لكن معها ردد بهدوء:
-طيب خلاص، أنا كنت بعبر عن الي عيشته معاكي مش أكتر، خدي فلوسك ده حقك.
نظرت للمال بقهر متذكرة حالة أختها الرضيعه بالمشفى التي تحتاج للبن والأدوية فمدت يدها تأخذ ثمن شرفها بقهر.
تقدمت لتخرج وهو يتابعها لكنه فجأة هتف:
-أستني
وقفت توليه ظهرها لتسمعه يردد بما صدمها حقاً….
يتبع