ad general
قصص قصيرة

حكاية فاتنة منيا القمح التي خطفت منفذ الحكم عليها

ads

4. أخرى تشبثت بالحياة حتى النهاية

واحدة من السيدات قاومت التنفيذ بكل قوة، حتى احتاج الأمر تدخل عدد من الأفراد لإتمام العملية. وصفها عشماوي بأنها من أكثر الحالات التي سببت له ألمًا نفسيًا، لأنها كانت تصرخ: “أنا بريئة… أنا بريئة”. ورغم أن الحكم صدر بعد محاكمة عادلة، إلا أن صرخاتها ظلت عالقة في ذهنه.

5. سيدة تركت وصية قصيرة

كما روى أنه وجد ورقة صغيرة مع إحدى السيدات مكتوب فيها: “سامحوني يا أولادي… الغلط ما بيتصلح بالندم”. هذه الكلمات البسيطة – على حد قوله – جعلته يدرك أن لحظة النهاية دائمًا تحمل ندمًا متأخرًا، وأن الخطيئة مهما كانت صغيرة قد تتحول إلى مصير مأساوي.

بعد كل هذه التجارب، كان حسين يعترف أن قلبه لم يكن حجرًا كما يظن الناس. صحيح أنه كان يؤدي عمله بلا تردد، لكنه كان إنسانًا يتأثر من الداخل. كان يقول دائمًا: “أنا مش جلاد… أنا موظف بينفذ حكم المحكمة. الجلاد الحقيقي هو اللي بيرتكب الچريمة بإيده”.

وعلى الرغم من أن حياته ارتبطت بأصعب اللحظات الإنسانية، إلا أن الناس ظلوا ينظرون إليه على أنه رمز للقسۏة. لكنه في الحقيقة – كما أكد في أحاديثه – كان أكثر من أي شخص آخر يعرف قيمة الرحمة، لأنه رأى بأم عينيه كيف تطيح لحظة اندفاع أو خېانة أو طمع بحياة إنسان.

بعد سنوات طويلة قضاها في تنفيذ أحكام الإعدام، خرج حسين عشماوي إلى المعاش عام 2011. كثيرون اعتقدوا أنه سيعيش بعيدًا عن الأنظار، لكنه على العكس، ظل حاضرًا في الإعلام والبرامج الحوارية، يروي تفاصيل لم يعرفها الناس عن مهنته القاسېة.

ads

كان المشهد مختلفًا تمامًا حين يسير في الشارع. البعض كان يقترب منه ليسلّم عليه ويطلب التقاط صورة تذكارية معه، باعتباره شخصية مشهورة واسمًا ارتبط بالتاريخ. والبعض الآخر كان يتجنّب النظر إليه أو المرور بجواره، وكأنهم ما زالوا يرونه رمزًا للخوف. قال في أحد اللقاءات:
“في ناس كانوا يبصوا لي پخوف، كأني أنا اللي حكمت… مع إن دوري مجرد تنفيذ حكم المحكمة مش أكتر.”

في المناسبات العائلية أو الأفراح أو العزاء، كان حضوره يثير همسات الناس. البعض يقترب ليسأله عن مواقف غريبة عاشها مع المحكوم عليهم، والبعض الآخر يكتفي بالجلوس بعيدًا وكأن وجوده يذكّرهم بالمۏت. لكنه كان يتعامل مع الجميع بروح بسيطة، يحاول أن يُظهر الجانب الإنساني من شخصيته، بعيدًا عن صورة “الجلاد” التي التصقت باسمه.

بعد التقاعد، كان يقضي معظم وقته في بيته وسط أسرته. كان يحب الجلوس في هدوء، يستمع إلى إذاعة القرآن الكريم، ويقرأ كثيرًا في كتب الدين والتاريخ. كان يقول: “أنا شُفت المۏت كتير، وعلشان كده كنت محتاج أقرأ في الدين علشان أفهم معنى الحياة أكتر.”

استضافته القنوات الفضائية مرات عديدة، وكان الناس يتابعونه باهتمام شديد. أحاديثه دائمًا كانت مٹيرة، لأنه لم يتحدث كموظف عادي، بل كإنسان عاش لحظات نادرة ومؤثرة. بعض تصريحاته أحدثت جدلًا، خاصة حين اعترف أنه ارتبك أمام جمال بعض السيدات المحكوم عليهن، أو حين أكد أن أصعب اللحظات كانت عند رؤية دموع الأمهات قبل التنفيذ.

رغم الشهرة التي حظي بها، إلا أن عشماوي كان يعيش نوعًا من الوحدة. فقد قال أكثر من مرة إنه كان يشعر بثقل في قلبه بعد كل عملية، وأنه لم يكن يستطيع أن يحكي تفاصيل يومه لزوجته أو أولاده، حفاظًا على مشاعرهم. ولذلك ظل يحمل بداخله أسرارًا كثيرة لم يُفصح عنها حتى رحيله.

رحل حسين عشماوي، لكن اسمه سيبقى حاضرًا في الذاكرة. البعض يراه رمزًا لتطبيق القانون بصرامة، والبعض الآخر يعتبره شاهدًا على الجانب المظلم من النفس البشرية. أما هو، فقد ترك رسالة واحدة متكررة في كل لقاءاته:
“الچريمة عمرها ما بتفيد… كل اللي شفته كان ثمنه غالي جدًا، حياة بتضيع ومستقبل بيتدمر.”

ads
الصفحة السابقة 1 2

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock