ad general
قصص قصيرة

قصه الخبز والملح

ads

أبي والمرأة التي تخدمك في بيتك هي أمي وأنا اليوم اتيتك لأحضر عرس أختي ثم أشار بيده فدخلت ابنة عم الشامي تجر في يدها طفل وطفلة واقتربت من ابن عمها الشامي وجلست عند قدميه وجاءت العروس جلست قربها وجلس الرجل البغدادي معهم فجلس الشامي معهم وأخرج البغدادي من جيبه نصف رغيف وقسمه على الجميع فأكلوه انه الخبز والملح !
وبعد أن انتهوا من أكل نصف الرغيف ساد بينهم صمت عميق لم يكن صمت الحرج ولا الغربة بل صمت يشبه السجود يشبه الوقوف على عتبة الرحمة حين تتكشف الدنيا فجأة وتظهر الحكمة التي خفيت عن القلب لسنوات
كان
الشامي يحدق في وجه ابنة عمه التي أحبها طوال حياته واعتقد أنه خسرها إلى الأبد لكنها الآن تجلس عند قدميه كأنها لم تفارقه لحظة وها هو ابنها وابنته منها يلعبان عند ركبتيه فاحتضنهما بكل الشوق الذي خبأه في صدره منذ أن ذهبت
قال الشامي وهو يمسح رأس الطفل
سبحان من يخبئ لنا أقدارا في طيات الألم لو لم أفقد بيتي وأمي لما وصلت بغداد ولو لم أذل أمام قصرك لما وجدت نفسي ولو لم أرفض كيس النقود لما فتح لي باب عز أوسع من أبواب البشر

فرد البغدادي والدمعة في عينه
بل أنت من علمني ما معنى أن يحفظ الإنسان الخبز والملح كنت أظن أني أنقذك من الفقر فإذا بك تنقذني من نفسي من كبريائي من عجرفتي وأما ابنة عمك فما كانت يوما لي لقد كانت لك منذ أول نظرة وكل ما فعلناه أنا وأبي وأمي كان من أجلك كي تكرم أمامها لا أن تهان
ثم اقتربت ابنة العم وقالت بنبرة حزينة
حين أخذني مع زوجي إلى بغداد لم أفرح كما تظن كنت أعلم أن قلبك انكسر في تلك اللحظة وكنت أدعو الله كل ليلة أن يرد لك ما فقدت وألا أكون سببا في ألمك
فنظر إليها الشامي وقال
لم تكوني سببا في ألمي بل كنت سببا في أن أتعلم كيف أصبر وكيف أرضى واليوم قد غرس الرضى في قلبي كما يغرس الزيتون في أرض الشام عميقا راسخا طيب الثمر
ثم الټفت إلى البغدادي وقال له بابتسامة لم يرها عليه أحد منذ زمن

أتعلم ما الذي فعله نصف الرغيف لقد علمني أن الخير الذي تزرعه في الناس يعود إليك يوما ولو بعد حين علمني أن من يحفظ المعروف يحفظ له المعروف وأن الأرزاق بيد الله لا تحسب بما في الجيوب بل بما في القلوب
ثم نهض البغدادي وأخذ نصف الرغيف الثاني من جيبه وقال
هل تعلم لماذا كنت أترك النصف الثاني من الرغيف في المطعم
أجاب الشامي
نعم كنت تقول لا أجد من يستحق أن يشاركني النعمة
قال البغدادي
واليوم وجدت وجدت الرجل الذي يستحق أن يأكل النصف الثاني ليس لأنه

ads
الصفحة السابقة 1 2 3الصفحة التالية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock