
قصه الخبز والملح
جائع بل لأنه رجل لا يركع إلا لله
فجلسا معا وتناولا النصف الآخر ثم قال البغدادي
اليوم أكتمل الرغيف اليوم فقط
مرت الأيام وأصبحت بغداد تتحدث عن التاجر الشامي الذي جاءها مفلسا فصار من أهل الكرم والعطاء كان لا يرد سائلا ولا يكسف فقيرا ويقول دوما
جاءني رجل ذات يوم لم يدخلني قصره لكنه أدخلني قلبه فصار لي بعد الله ما لم أحلم به
وكان القصر لا يخلو من ضيوف الغرباء والمساكين وكان البغدادي لا يفارقه وصار أخا بالمعروف أقرب إليه من النسب
أما ابنة العم فعاشت مع زوجها الحقيقي الذي لم يتخل عنها حين رحلت بل دعى لها وبنى لها قصرا من الوفاء قبل أن يبني جدرانا من الحجارة
وفي أحد الأيام جلس الشامي في باحة قصره ومعه حفيدته الصغيرة فأخرج من جيبه نصف رغيف قديم ملفوف في خرقة بيضاء وقال لها
يا صغيرتي احفظي هذا هذا ليس خبزا فقط هذا وفاء هذا وعد هذا عهد هذا عمر طويل تعلمت فيه أن لا شيء أعظم من أن تطعم أحدهم وتقول له أنا معك
ثم خبأه في صندوق صغير وقال لها
حين أكبر وتكبرين افتحيه وقولي لمن بعدك هذا نصف الرغيف الذي غير مجرى حياة رجل وحفظ قلبه من الضياع
وهكذا ظل نصف الرغيف حكاية تروى لا تؤكل
رمزا أن الخبز والملح ليسا مجرد طعام بل عهد لا ينقض ووفاء لا يباع
ومن يومها صار كل من يدخل بيت الشامي يسمع القصة من حفيدته التي تحفظها عن ظهر قلب وتقول في نهايتها
هذا نصف الرغيف أنقذ قلبين وصنع أسرة وأقام رجولة لا تشتريها الأموال
وصار الناس إذا اختلفوا أو تباعدوا أو خان أحدهم العهد يقال لهم
تذكروا الخبز والملح تذكروا نصف الرغيف
فمن يحفظ المعروف
يحفظه الله ويرفعه ويجعل له من كل ضيق فرجا ومن كل كسر جبرا ومن كل حرمان نصيبا لم يكن في الحسبان
وتختم الحكاية بدعاء
اللهم ارزقنا صحبة من يحفظون الخبز والملح ويصونون العشرة ويكرمون المعروف ولا يبيعون الوفاء مهما ضاقت الحياة