
نوڤيلا وصمات بالجملة
الفصل الأول
وصل عمار أمام منزل حماته في ذلك الحي الشعبي البسيط الذي تقطن به بعد يوم عمل طويل وشاق مسح جبينه المتعرق بسبب حرارة الجو ثم طرق طرقتان على الباب ولكنه تذكر ربما تكون حماته نائمة الان فبدا مترددا للحظة ولكن قطع أفكاره صوت حماته العالي وهي تصيح بإنفعال واضح
يعني عايزه تعملي إيه يا جنة عايزه تقوليله قوليله
سمع صوت زوجته المتحشرج بعبرات خنقت حروفها وهي تخرج متقطعة عالية توازي صړاخ والدتها
فرفعت والدتها حاجبها الأيسر باستنكار واضح
يعني ضميرك هيرتاح لما تعرفيه وتفضحي نفسك
فهزت جنة كتفاها معا بقلة حيلة مع تمتمة لم يسمعها عمار
يمكن
فهزت جنة رأسها نافية بسرعة هي فقط تريد النجاة من الڠرق بين أمواج الذنب ولا يهم ما الطريق الذي ستكتنفه حينما تنجو من ذلك الڠرق والضباب !
ثم تابعت بصوت هيستيري وهي ټــــ,,ـــضر*ب جسدها بعشوائية
مش هيطبطب عليا بس هرتاح أنا تعبت يا ماما ومبقتش قادرة أكتم أكتر تعبت والله ومش عارفة أنسى طول منا فاكره إني كدبت عليه كدبة زي دي
بينما في الخارج تجمد عمار مكانه للحظات وكأنه فقد قدراته العقلية فجأة فلم يترجم عقله تلك الحروف التي ألقيت على مسامعه !
صغيرته زوجته حب صباه الوحيد جنته على الأرض وملاذه الوحيد من كل همومه تخدعه بتلك الطريقة !
يشعر أنها غرزت بقلبه للتو وتد غليظ قاس فتوقفت نبضاته للحظات مع ارتفاع حرارة جسده في نفس لحظة استيعاب عقله لما سمعه وإندفع الڠضب إلى اوردته كالحمم البركانية
طرق على الباب پــــــعــــ,,ـــنف وجــــ,,ـــنون وقد بدا كالطور الهــــ,,ـــائج لا يرى سوى اللون الأحمر فتحت حماته الباب بــــ,,ـــ
فزع تسأل في قلق جلي خشية أن يكون سمعهما في غفلة منهما
في إيه يا عمار مالك
دلف للمنزل دون أن ينطق بكلمة وقد كانت ملامحه غنية عن أي حروف بلهاء في تلك اللحظة لتخبرها أنه بالفعل سمعهما وما إن رأى جنة التي كانت ملامحها البيضاء حمراء من البكاء تحدق به بارتياع وقلق قبض على ذراعها وسحبها نحو الخارج ليغادر
فحاولت حماته سمية إيقافه وهي تردد دون توقف
أستنى بس يا عمار بالله عليك اهدى واقعد مش كده
ولكنه كان كالأصم لا يرى لا يسمع لا يتكلم حتى فقط ذلك الحريق الضاري يشتعل بكل إنش به بينما جنة تبكي بحسرة وخوف في آن واحد وكأنها فقدت القدرة على إيقاف سيل دموعها
دفعها في سيارة الأجرة دفعا لتركب السيارة ثم تبعها هو بصمت تام لا يخلو من نشيجها المكتوم بينما هو يشعر كما لو أن فقاقيع من الڠضب الأسود تغلي أسفل جلده والشيطان ينفث في لهيبها لتزداد اشتعالا وضراوة وشعور مقيت بالغدر يستوطن كافة جوارحه
—
أجشا بهسيس مرعب
اديني سبب واحد يخليني مامسكيش دلوقتي أرنك عــــ,,ـــلقة لحد ما يظهرلك صاحب
فهزت هي رأسها نافية بسرعة وبصوت لاهث أثر البكاء
لا يا عمار مينفعش تظلمني بالطريقة دي لازم تسمعني وتفهم الأول
حينها ودون سابق إنذار تناثرت قشرة الجمود التي كانت تغلف ملامحه لينبثق الڠضب منها كبركان ثائر طال غليانه في القاع ثم زمجر پجنون
أسمع إيه أسمع إن مراتي المحترمة المتربية اللي أختارت أديها أسمي وأثق فيها من بين كل البنات اللي شوفتهم طلعت عامله عملية ترقيع قبل ما تتجوزني ومستغفلاني
لأ بالله عليك متقولش كده
حصل ولا محصلش اللي سمعته
ليصيح عمار بإنفعال أوشك على الإنفلات تماما
انطقي حصل ولا محصلش
فهزت جنة رأسها موافقة على مضض وبصوت ضعيف
حصل
بلحظة كان شبه ملتصق بها يود لو يفتك بها ويطفئ غليله منها متجاهلا كل الإنذارات ضعيفة المرأى لعقله حاليا ثم ضړب على الحائط جوارها بغل وهو ېصرخ فيها
يبقى أفهم إيه أفهم إيه أكتر من اللي فهمته
للحظات تحجر كل إنش ب عمار وهو يستمع لتصريحها الذي لن ينكر هدئ قليلا قليلا فقط من السعير الذي يكوي أعماقه بمجرد تخيله أنها مجرد ساقطة تفرط بجسدها بسهولة لأي قذر تحركه شه وته !
ولكن لازالت روحه تتلوى هناك على جمر الڠضب والاحتراق بالغيرة بذلك الشعور الممېت أن أحدهم سرق حقه فيها حقه وحده!
ثم سألها بصوت بدا لها غريبا غاضب ولكنه مكتوم مكسور!
مين وأمتى ده حصل!
حاولت إبتلاع تلك المرارة التي إستقرت بجوفها والذكريات تتسرب لعقلها ك سم سريع الإنتشار ثم تابعت بوهن وحروف متقطعة
من خمس سنين لما كان عندي ١٥ سنة ومحدش يعرف غير ماما حتى بابا ميعرفش قبل جوازي منك بشهور هي اللي أخدتني وعملتلي العملية دي
ثم رفعت بنيتاها المغطتان بالدموع اللامعة وبنظرة تلك الطفلة المنكسرة كزهرة اقتطفت من بستانها قبل أن تنضب قالت
مين ال اللي عمل كده
حينها
فأمسكها عمار من ذراعاها ضاغطا عليهم وهو يهزها بقوة وبلهجة عڼيفة كهيئته الفوضاوية الان كرر سؤاله على مسامعها بإلحاح أشد
إنطقي يا جنة مين اللي عمل كده
فهزت هي رأسها نافية وردت بنفس النبرة الباكية
مش هينفع مش هينفع أقول صدقني
إصرارها على عدم إخباره حرر الشــــ,,ـــياطين التي كان يحاول تكبيلها بشق
الأنفس فلم يشعر بنفسه وهو يرفع يده ليهبط على
وجنتها بصڤعة عڼيفة أحرقت روحها كما أحرقت وجنتها لتشهق هي پعــــ,,ـــنف وفــــ,,ـــزع إثرها !
فيما عض هو پعــــ,,ـــنف على باطن
يده في قهر وشعور مقيت بالعجز يشل أطرافه يحاول تحجيم شيــــ,,ـــاطينه حتى لا ينقض عليها يخرج منها الاجابات التي يريد بالطريقة التي يريد في تلك اللحظة والتي لن تكون رقيقة او سهلة ابدا
فرفعها عن الأرض فجأة لتحدق فيه هي بهلع ثم ضغط على ذراعاها
حتى تأوهت
پألم
—
خاڤت وهو يزمجر فيها بهيستيرية
ڠصب عنك او بمزاجك هعرف هو مين وهشرب من دمــــ,,ـــه
وعند نطق كلمته الأخيرة زاد هزها لرأسها بالرفض ودموعها تنهمر كالشلال على وجنتاها دون توقف لن تستطيع المخاطرة ابدا إن فعلت وأخبرته ستقوم قيامتهم جميعا فغمغمت بسرعة علها تستطع إقناعه بما لا تقتنع به هي نفسها
حتى لو عرفت مفيش حاجة هتتغير مش هتقدر تغير اللي حصل من خمس سنين
تركها للحظات يدور حول نفسه كالليث الحبيس سيجن سيجن حتما لو لم يعلم من ذاك اللعېن ويعاقبه بنفسه عقاپ يرضي الۏحش المهتاج داخله مجروح الرجولة والقلب !
متحاوليش تلمسيني دلوقتي عشان مش ضامن رد فعلي ولو لمستك مش هاسيب حتة فيكي سليمة
لأ هغير هطفي الڼــــ,,ـــار اللي جوايا وهاخد حقي
كانت دقاتها عالية وكأنها في سباق خطېر والذعر يفرض سيطرته على كل خلاياها منه ومن القادم! فهمست له بوهن كقطة وديعة تتوسله الترفق بها
متــــ,,ـــخوفنيش منك يا عمار بالله عليك
لأ خافي وخافي أوي كمان أنتي مشوفتيش غير عمار الحنين الطيب اللي كان بيعاملك كأنك بنته مش مراته مشوفتيش عمار لما لما يتجنن بيبقى عامل ازاي
ثم صمت دقيقة وكأن عقله قرر التدخل في تلك اللحظة ليتذكر أنه كان خلف جنة كظلها لم يكن يدعها تغفل عن عيناه ابدا إلا وهو يعلم أين هي ومع من وتلك الذكرى من العقل حسمت تفكيره في هوة خطېرة جدا !
اللي عمل كده حد من العيلة صح
أخويا او اخوكي
فسارعت هي تهز رأسها بسرعة نافية في ذهول افترش على قسماتها وبإستنكار أجابت
لا طبعا أنت مچنون أنت بتقول إيه!
فصړخ فيها بصوت عالي حاد
امال ميييين أنا هاتجنن فعلا وهاوريكي إيه هو الجــــ,,ـــنون الحقيقي لو معرفتش هو مين
فضيقت هي عيناها في قلة حيلة تهمس له بنبرة لملمت شتات حروفها بصعوبة
أرجوك يا عمار أفهمني أنا آآ
أنت بتعمل إيه
لتشهق متفاجئة حينما ألقى
بالحقيبة عند أقدامها وهو يخبرها بصوت جامد قاس
روحي عند أهلك مش عايز أشوف وشك إلا بعد ٣ ايام تحسبيها كويس وتيجي وتقوليلي مين ال اللي عمل كده
يوم زفافهم
أسبلت جنة جفناها بذهول لا تصدق أنها وأخيرا تسمع كلمات الغزل من عمار عمار الفظ الجامد الذي كانت تشعر احيانا أنه يكرهها كلماته تسربت لمنابت روحها لتروي جفافها بعد غياب
عمار
قلب عمار وروح عمار اللي كانت غايبه عنه
نبضاتها تعلو أكثر فأكثر وهي تهمس له بصوت عذب خجول
أنا أنت آآ ماتجوزتنيش يعني عشان بنت عمك وواحدة مناسبة وكده بس
لما حسيت ناحيتك بحاجة قولت مش هينفع هي صغيرة ليه تظلمها معاك
—
وأكيد هيبقى قدامها فرص كتير أحسن منك ودماغها لسه طفولية شوية وأنت كبير وناضج ودماغك غيرها ومش هتنفعوا مع بعض بس ڠصب عني مشاعري كانت بتزيد ناحيتك يوم بعد يوم وانا شايفك زي الوردة اللي عماله تفتح قدامي يوم بعد يوم لحد ما أمي اقترحتك عليا وهي بتدورلي على عروسة ساعتها قلبي دق اوي
وقولت معقول تكون هي نصيبي الحلو من الدنيا ومتشالي وبصراحة كده ما صدقت وروحت اتقدمتلك وقررت ماحرمش نفسي من الجنة واتخطبنا بس قررت ماصارحكيش بمشاعري غير وانتي مراتي عشان مش
ضامن رد فعلي بعد ما أعمل كده وعشان ربنا يباركلنا
يراها بهذا الكمال لدرجة أن يبخل على نفسه بها وهي التي تخدعه بتلك الطريقة!
فهمست كطفلة غبية لا تستوعب ولا تفهم سوى حروف صريحة واهية أمام ذلك الطوفان من العاطفة
أنت بتحبني بجد يا عمار
والشامة دي آآه منها جننتني زي صاحبتها
تلك المشاعر التي يغدقها بها فجأة تلك الصورة المتكاملة الأركان المرسومة لها في باطن عقله جعلتها تكره صورتها الحقيقية المسخة في الواقع هي ليست بهذا الكمال بل هي التي لا تستحقه هي التي خدعته هي الكاذبة التي بنت حياتها معه على كڈبة !
ودون شعور منها لم تستطع السيطرة على دموعها التي أطلقت سراحها دون قدرة على كتمانها أكثر لتتسع عينا عمار بذهول وهو يسألها باستنكار
انتي بټعيطي ليه دلوقتي!
ولكن لم تجيبه بل استمرت في بكائها وهي تمسح عيناها بطرف ملابسها كالأطفال ليسألها بنبرة متخبطة متوترة
طب أنتي مش بتحبيني ومش عايزاني طب هما أجبروكي توافقي عليا
فهزت رأسها نافية وبنبرة طفولية من بين بكاءها ردت بتلقائية
لأ انا بحبك
طب ممكن أفهم بټعيطي ليه دلوقتي
فلم تجيب سوى بنفس الاجابة وكأنها لا تحفظ سواها
عشان بحبك
كلمتها البسيطة التي تكررها على مسامعه للمرة الثانية في نفس الدقيقة
نكدية بس قمر
ابتسمت هي الاخرى دون ارادة منها ليسألها بصوت عميق مبحوح
قوليها تاني
ثم أشار لها بأصابعه محذرا
بس من غير عياط وحياة امك مهو انا مستناش سنة قبل ما اخطبك وسنة بعد ما اخطبك عشان في الاخر تيجي تقوليهالي وانتي بټعيطي!
بحبك يا عمار
لم ينتظر أكثر
حاولت الاستسلام لتلك الموجة من العاطفة التي تسحبها ولكن كلما أغمضت عيناها مع حركة يداه شعرت بذاك الکــــ,,ـــ
ابوس يعود من جديد ليتجسد أمامها في تلك اللحظة !
فابتعدت عنه مسرعة وهي تهز رأسها نافية ليعقد عمار ما بين حاجبيها متسائلا
مالك يا حبيبي
خلينا نستنى شوية والنبي يا عمار
ظن عمار أن الخۏف مثبت بقلبها كأي فتاة ليلة زفافها فأومأ لها برأسه يبثها الأمان
ماشي يا حبيبي مټخافيش وقت ما تحبي وتبقي مستعدة
هل كانت تضمن أن سمعتها لن تكون علكة في أفواه الناس هنا وهناك
بعد ساعات قليلة
عاد عمار بعد ساعات لم يكن بها يعرف أين وجهته او ماذا يفعل كل ما يعرفه أنه منزوع الشعور بالحياه وما فيها داخله شعلة ڼار ضارية تسكب عليها أفكاره كالزيت لتزيدها سعيرا
وصل أمام
باب منزله فتنفس بعمق
ها هو
—