
“جيفري دامر: الوحش الذي عاش بوجه إنسان”
اليوم نحكي لكم قصة حقيقية عن رجل عاش وسط الناس بهدوء، بينما كان يُخفي داخله ظلاماً لا يمكن تخيُّله … إنه جيفري دامر.

وُلد “جيفري ليونيل دامر” عام 1960 في ولاية ويسكونسن الأمريكية. كان طفلاً خجولاً لا يختلط بالآخرين كثيراً، لكنه أظهر منذ صغره اهتماماً غريباً بالحيوانات النافقة. كان يجمعها من الطرق والغابات ويحتفظ بعظامها ويتفحّصها دون خوف أو اشمئزاز.. إعتقد والداه أن هذه مجرد مرحلة، لكن الحقيقة كانت أبعد بكثير.
في سن المراهقة أصبح “دامر” أكثر انعزالاً مع تفكك أسرته وانفصال والديه. بدأ يشرب الكحول في عُمر مبكر ليهرب من شعوره الدائم بالوحدة. ومع أن مظهره كان يبدو عادياً، إلا أن داخله كان مليئ بأفكار مظلمة لم يستطع السيطرة عليها.
عام 1978، وبينما كان عمره 18 عام فقط، التقى بـ شاب مسافر واصطحبه إلى منزل العائلة، لكن اللقاء انتهى بجريمة قتـل كانت هي الأولى.. ضرب الشاب حتى الموت ثم أخفى جثته في الغابة ولم يكتشف أحد جريمته. شعر دامر بأن ما فعله منحه شعوراً بالقوة، فاحتفظ بالفكرة داخله حتى وجد الفرصة لتكرارها.
بعد الجريمة الأولى دخل “دامر” الجيش لفترة قصيرة ثم انتقل بين وظائف متعددة قبل أن يستقر في شقة صغيرة بمدينة ميلووكي، وفي تلك الشقة تحديداً بدأت سلسلة جرائمه التي جعلته واحداً من أبشع القتلة في التاريخ الأمريكي.
منذ عام 1987، بدأ دامر يستدرج شباناً من النوادي والشوارع، أغلبهم في العشرينات. كان يَعِدهم بالمال أو بـ صور فوتوغرافية، فيدخلون معه الشقة مطمئنين، وهناك تبدأ الكارثة.
كانت جرائم “دامر” تتبع نمط واحد تقريباً: تخديـر الضحيـة، ثم القتـل، ثم الاحتفاظ بالجثة أو أجزاء منها. ومع الوقت أصبح يمارس طقوس غريبة أكثر رعباً، منها الاحتفاظ بالرؤوس والعظام وصنع ما يشبه مـذبـ.ـح خاص. وفي بعض الحالات حاول أن يجعل الضحية غير قادرة على الحركة أو المقاومة عبر طرق مُروعة لا يمكن وصف تفاصيلها.
وخلال تلك السنوات، اختفى 17 شاباً ولم يُدرِك أحد أن القاتـل كان يعيش في شقة عادية بين الجيران، يبتسم لهم كل يوم ويبدو كأي إنسان طبيعي.
في ليلة من عام 1991، نجا شاب من شقة دامر قبل أن يُقتـل، وعلى الفور أبلغ الشرطة.. وحين دخل الضباط الشقة وجدوا ما يصعب وصفه: صور لضحايـا في مراحل مختلفة، ثلاجة تحتوي على بقايـا بشريـة، أدوات تشريـح، براميل بداخلها مواد لإذابـة الجثث وعظام مُرتَّبة بعناية داخل الأدراج.
ولم يُبدِي دامر أي مقاومة، جلس بهدوء واعترف بكل شيء بدقة صادمة.
عام 1992، حُكِم عليه بعدة مؤبدات مجموعها تجاوز 900 عام خلف القضبان. لكنه لم يستمر طويلاً في السجن؛ ففي عام 1994 هاجمه أحد السجناء أثناء العمل في تنظيف مبنى السجن فقُتِـل في المكان.
قضيته ما زالت حتى اليوم واحدة من أكثر القصص المروعة التي شهدها التاريخ.
___
قصة “جيفري دامر” كانت من هولها أقرب للخيال، لدرجة أنها تحولت لاحقاً إلى عمل درامي أثار ضجة كبيرة. ففي عام 2022 أطلقت نتفليكس مسلسل قصير بعنوان “Dahmer – Monster: The Jeffrey Dahmer Story”، يُجسّد تفاصيل حياته وجرائمه بدقة مزعجة جعلت الجمهور يشعر بأن الكابوس عاد للحياة من جديد. العمل لم يهدف لتمجيده، بل كشف كيف استطاع شخص بهذا الهدوء أن يخدع الجميع بينما كان يَحمِل بداخله ظلام يتسع شيئاً فشيئاً مع كل ضحية.





