روايات

🌿 رواية: “ظلال اليُتم… وضياء الأمل , الجزء الأول ”

الفصل الأول: بداية الحكاية

كان المساء يهبط ببطء على القرية الصغيرة المعلقة بين الجبال، تتلألأ الأضواء الخافتة من بيوت الطين، وتتصاعد رائحة الخبز من فرن أم سعد، بينما يعود الرجال من الحقول متعبين ولكن بقلوب راضية.
في طرف القرية، عند بيت صغير ذي سقف من القرميد الأحمر، كانت تعيش عائلة بسيطة: الأب محمود، رجل قوي البنية وهادئ الطباع، يعمل نجارًا ماهرًا يثق الناس بيده، والأم ليلى، امرأة طيبة القلب، عُرِفت بابتسامتها الدائمة التي لا تختفي حتى في أيام التعب.

ومعهما كان يعيشان طفلان:
عمر، 11 عامًا… ذكي، جريء، يحمل حلمًا كبيرًا بأن يصبح مهندسًا.
و سليم، 7 أعوام… رقيق القلب، شديد التعلّق بوالدته.

كانت حياتهم متواضعة لكنها مليئة بالدفء.
؛كان الأب يقص على ولديه كل ليلة حكاية قبل النوم، بينما تغني الأم لهما أغنية قصيرة تهدهد خوفهما وتملأ قلبيهما بالطمأنينة.

لكن القدر… كان يخبئ صفحة مختلفة تمامًا.


الفصل الثاني: الرحيل الذي لا يعود

في صباح يومٍ شتوي قارس، استيقظت القرية على عاصفة غير مألوفة. تساقط المطر بغزارة، واجتاحت الرياح الشوارع الضيقة.
كان الأب والأم مضطرين للذهاب إلى المدينة لجلب بعض المواد التي يحتاجها الأب لعمله. حاول الأب تأجيل الأمر، لكن موعد تسليم العمل كان قريبًا.

“سأعود سريعًا يا عمر… اعتني بأخيك”، قال الأب وهو يرتدي معطفه.
“لا تتأخروا… الجو مخيف”، همس سليم وهو يتشبث بطرف ثوب أمه.
ابتسمت الأم وربتت على رأسه: “سنعود قبل الغروب يا حبيبي”.

لكن الغروب جاء…
وجاء الليل…
ولم يعودا.

في منتصف الليل، طرق أحد رجال القرية الباب بعنف، وعيناه تحملان خبرًا قاتلًا:
سيارة الأب والأم انزلقت في الوادي… لم ينجُ أحد.

سقطت الكلمات كحجر على صدر الطفلين.
صرخة صغيرة خرجت من فم سليم…
بينما وقف عمر ثابتًا لكن قلبه يتمزق، يحاول استيعاب أن الحياة تغيّرت إلى الأبد.


الفصل الثالث: أيام بلا سند

تحول بيتهم المضيء إلى صمت ثقيل. حاول الجيران مساعدتهما، لكن كلٌ لديه مسؤولياته وهمومه.
قرر أحد الأقارب أن يأخذهما، لكنه لم يستطع تحمل نفقاتهما طويلاً، فعاد الأخوان إلى بيت والديهما المتهالك، بلا مال… بلا حماية.

منذ ذلك اليوم، صار عمر هو الأب… وأصبح سليم يتمسك به كحياته الوحيدة.

اضطر عمر للعمل في ورشة نجارة صغيرة بعد المدرسة، يكدّ ويتحمل إهانات صاحب العمل. أما سليم، فكان يبيع المناديل في السوق… صوته يتهدج كلما تذكر والدته.

ورغم التعب، كانا يعودان كل مساء ليتعانقا قبل النوم، ينسجان أحلامًا صغيرة عن مستقبل أفضل.


الفصل الرابع: مواجهة الحياة

كبر الفتيان قبل أوانهما.
تعرضا لمواقف قاسية:

  • سرق أحد الأطفال بضاعتهم وضحكا منهما.
  • اتُهم عمر ظلماً بأنه سرق أدوات من الورشة.
  • مرض سليم ذات ليلة ولم يجد عمر ثمن الدواء.

ولكن… مع كل سقوط، كانا يقفان من جديد.
كان عمر يكرر دائمًا:
“إحنا لازم ننجح… علشان بابا وماما يشوفونا من فوق ويفتخروا بينا.”

وفي يوم، بينما كان عمر يعمل في الورشة، لاحظ دخوله رجل أنيق، مهندس مشهور جاء لتفقد أعمال خشبية سيطلب تنفيذها.
اقترب من عمر ولاحظ دقته ومهارته رغم صغر سنه.

“مين علّمك الشغل ده؟”
“أبويا… الله يرحمه.”

اندهش الرجل، وأعجب بإصراره… وقرر أن يغيّر حياة الولدين.

1 2الصفحة التالية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock