حكاية الستر… ووصية أبويا

ما بيشتغلش إلا لما أطلع حق الناس.
ومش بس المحل رجع لا ده كمان جالي ناس كتير تطلب إيد بنتي وكلهم أولاد حلال من اللي تقول عليهم دول جواز ستر.
اخترنا واحد منهم كان شبه جدها كده في الطباع وقلنا بسم الله وجهزنا وعد وجوزناها.
في ليلة فرحها وأنا شايفها قدامي عروسة وبتضحك وأهل البلد بيزغردوا
الدموع نزلت من عيني من غير ما أشعر
مش بس فرحة لا دي دموع ندم وفرحة وحمد وشكر في وقت واحد.
اتذكرت أول غلطة عملتها
لما بعت العضمة وخنت وصية أبويا واستكترت 2 كيلو صدقة.
اتذكرت لما كنت بستغرب أبويا وهو بيقول
الستر بيتشري.. ولو بآخر جنيه في جيبك
وقتها ما كنتش فاهم لكن دلوقتي
أنا فهمت كل حاجة.
فهمت يعني إيه الصدقة تحفظ البيت وتحفظ الصحة وتحفظ العيال
فهمت إن ربنا بيبارك في القليل لما يخرج منه حق الناس وإن اللي بيدي ما بينقصش بالعكس ده بيزيد.
فهمت إن الخير مش في اللي نكسبه
لكن الخير الحقيقي في اللي نقدر نطلعه من اللي كسبناه.
وبعد الفرح وأنا قاعد في المحل جالي شاب صغير كان باين عليه إنه مش مرتاح.
قالي بصوت واطي
أنا شغال قريب من هنا وأول مرة أمد إيدي بس نفسي آكل لقمة بلدي من عندك ومافيش معايا حاجة…
بصيتله وافتكرت عيني أبويا وهو بيبص للفقراء نفس النظرة اللي كنت شايفها دايما
من غير ما أفكر طلعت له كيس فيه لحمة مفرومة وحتة وش وعضمة شوربة.
ابتسمت وقلتله
حاسبني لما ترجع تاني أصلي مش معايا فكة.
ضحك ومشي وأنا قلبي بيرقص من جوايا.
رجعت البيت وبصيت في المراية
قلت لنفسي هو ده اللي كان بيقصده أبوك هو ده الستر اللي بيتشري.
الخلاصة
يا اللي بتقرأ حكايتي
الستر مش بس لبس ولا مجرد راحة
الستر هو إنك تنام وانت قلبك مطمن
الستر هو إن ولادك حواليك وفي أمان
الستر هو إن شغلك ماشي وناس تحبلك الخير
الستر هو إنك تصحى الصبح وما تلاقيش مصيبة جاية عليك من حيث لا تدري.
والستر مش ببلاش
الستر ليه تمن وتمنه صدقة خفية وحق للفقير في رزقك.
لو عندك رزق
اطلع منه ولو جزء بسيط
مش لازم كتير بس يكون من قلبك من نيتك الطيبة من حبك للناس.
كل يوم قبل ما تحسب أرباحك
اسأل نفسك فين حقي عند ربنا
لأن اللي بيطلع بيرجع أضعاف
واللي يمنع بيتمنع منه خير كان جاي له ومش حاسس بيه.
أنا دلوقتي عرفت يعني إيه أبوي كان دايما يقول
بنشتري الستر وما أغلاه
وياريت كل واحد فينا ما يتأخرش على الخير
ولا ينسى إن اللي بيطلع لله عمره ما بيضيع.