
الهروب العظيم: أعظم عملية هروب جماعي في التاريخ
كان المعسكر شديد الحراسة في قلب الحرب العالمية الثانية مكانًا يعتقد الجميع أنه غير قابل للاختراق. آلاف الطيارين الحلفاء أسرى، يعيشون بين الأسوار الشائكة والحراس المسلحين، ويُحكم عليهم بالانتظار بلا أي أمل. لكن في زوايا الظلام والدهاليز المظلمة، بدأ مجموعة من الأسرى يخططون لأكبر هروب عرفه التاريخ.
التخطيط للصبر والمخاطرة
في البداية، كان مجرد حلم صغير: فكرة الهروب إلى الحرية. لكن الأسرى سرعان ما حولوا الفكرة إلى خطة محكمة. بدأوا بحفر الأنفاق باستخدام ملاعق صغيرة وألواح من الأسرة المكسورة، ومع كل حفرة كانوا يبتكرون طرقًا لإخفاء التراب، ووضعوا صناديق وأدوات توحي وكأن الأرض سليمة.
لقد استمروا في العمل شهورًا طويلة، متجنبين أعين الحراس، متخفين خلف قصص وهمية، وفي كل ليلة كانوا يعيدون النظر في كل تفصيلة صغيرة: طول النفق، عدد الحفر، اتجاه التهوية. لم يكن هناك مجال للخطأ، فخطوة واحدة خاطئة تعني الموت أو إعادة السجن الأبدي.
الليلة الكبيرة
عندما حلّت ليلة مظلمة، دون قمر يضيء السماء، بدأ الأسرى أولى خطواتهم نحو الحرية. زحفوا بحذر عبر النفق الطويل الذي امتد أكثر من مئة متر تحت الأرض. الأصوات كانت خافتة، القلوب تخفق بشدة، وكل نفس مليء بالخوف والترقب.
خرج 76 أسيرًا خلال تلك الليلة، متسللين كأشباح في الظلام، بعيدًا عن الأعين، لكن الحرية لم تكن سهلة. الرياح الباردة، الطقس الممطر، والحراس المنتشرين جعلوا كل خطوة مغامرة.
الثمن المروع للحرية
لسوء الحظ، أعيد اعتقال معظم الهاربين خلال الأيام التالية. كانت الصدمة كبيرة عندما تم إعدام خمسين منهم، لتكون تحذيرًا صارمًا لأي محاولة مستقبلية للهروب. لكن القلة القليلة، القلة الشجاعة، نجت ووصلت إلى مناطق آمنة، حاملين معهم قصة ستُروى للأجيال عن الشجاعة والإصرار.
إرث الهروب العظيم
اليوم، يُذكر هذا الهروب كأكبر عملية هروب جماعي في التاريخ، ليس فقط لعدد الهاربين، بل لعبقرية التخطيط والذكاء والصبر اللانهائي الذي أبداه الأسرى. القصة تعلمنا أن الإرادة البشرية قادرة على مواجهة المستحيل، وأن الحرية أغلى ما يمكن أن يسعى إليه الإنسان، حتى في أحلك الظروف.





