
كانت الليلة هادئة حين دخلت ابنتي عليّ، وجهها شاحب، وعيناها تغرقان في دموع لا تنتهي. وقفت أمامي مرتجفة، كأن الأرض تحت قدميها تهتز. منذ زفافها قبل أربعة أشهر فقط، وأنا أظن أني زففتها إلى بيت آمن، إلى رجل طيّب، مهندس محترم، دخل بيتنا كواحد من أبنائنا، فوثقنا به بلا تردد.
لكن تلك الثقة انهارت في لحظة واحدة.
جلست ابنتي أمامي، وصوتها متكسر، تحكي عن الليالي التي ظنّت أنها ذكريات جميلة تجمعها بزوجها. كان يصوّرها في لحظات خاصة جدًا، ويخبرها أن هذه تسجيلات “للذكرى”. لم تشك به لحظة، ولم يخطر ببالها أن وراء اللطف وجهًا آخر لا يظهر لأحد.
ثم جاءت الصدمة الأكبر.
همست لي بصوت يختنق:
“ماما… اكتشفت إنه بعت الفيديوهات لمين؟… لأمه.”
تجمّدت الكلمات في حلقي. أما هي فانهارت تمامًا، تقول إنها لم تعد قادرة على النظر في وجه حماتها التي فتحت الفيديوهات وشاهدتها كأن الأمر لا يحمل أي ستر أو حرمة. شعرتُ بكسرة في قلب ابنتي لم أعرف كيف أداويها، وكأن شيئًا فيها انطفأ.
حين علم والدها، ثار كبركانٍ لا يمكن إخماده. واجه زوجها بعنف الغاضب والمطعون في عرضه، وطلب منه الطلاق فورًا. أما أنا، فكنت واقفة بين جمرتي الحيرة والخوف، أرى ابنتي تتهاوى أمامي ولا أملك إلا أن أضمها إلى صدري.
البيت تغيّر، والأيام تغيّرت، وابنتي تمشي كأن فوق كتفيها حمل العالم.
لم تعد تلك الفتاة التي كانت تضحك بلا حساب.
كأن شيئًا انتُزع منها… شيء لا يُعوَّض.
وهكذا وجدت نفسي أمام حكاية لم أتخيّل يومًا أن أعيشها، حكاية بدأت بزفاف، وانتهت بانكسار لم يكن في الحسبان.





